بالأمس فقط إكتشفت إنى قد تجاوزت الثالثة و العشرين من العمر !  

أعلم أن ذلك قد حدث فعليا منذ حوالى 10 أيام ،و لكنى لم أدرك فداحة الأمر

و عظم الخطب إلا بالأمس بينما كنت أتأمل ، حياتى فى ظلام الحجرة 

لقد قضيت على ظهر هذه الأرض ربع قرن إلا قليل

ربع قرن بلا إنجازات ....فلم أدرك شيئا مما كنت أحلم به و آمل فيه



فقد مضى ربع قرن إلا قليل و لم أصبح بعد رائد فضاء

ربع قرن إلا قليل و لم أرشح نفسى بعد لرئاسة الجمهورية

ربع قرن و لم أتزوج بعد و لم تدخل كروموسومات ال xx حياتى

بشكل جدى و مازالت ترتع و تمتليء بكروموسومات ال xy 

ربع قرن و لم أصبح عالم براكين و لم أكتشف عنصر جديد فى

الجدول الدورى و لم أصور فيلما عن حياة البطاريق 

ربع قرن إلا قليل و لم أكتشف بعد مواهبى فى الغناء و

لم يعرف العالم مدى روعة موهبتى فى الباليه الإيقاعى 

ربع قرن إلا قليل و لم ألعب بعد للأهلى أو أحترف فى مانشستر

يونايتيد أو حتى أحصل على الدورى مع ريال مدريد 

ربع قرن إلا قليل و لم أنشر كتابى الأول و لم أتصدر بعد أعلى

قائمة المبيعات 

ربع قرن إلا قليل و لم أصبح عالم أثار و لم أرمم أطلال قصر التيه

و لم أكتشف بعد أطلنطس

ربع قرن إلا قليل و لم أفعل شيئا حيال مشكلة التصحر ولا الإحترار العالمى

و لا الحرب الأهلية فى سيراليون 

ربع قرن من الزمان و لم أتسلق إفرست و لم أجوب سيبري

ا و لم أتيه فى كالهارى 

ربع قرن من الزمان و لم أجمع المليون الأول و لم أدخل قائمة

الأغنى فى العالم 



بالأمس تسلقت سنوات عمرى البائسة ، بعضها قديم بال ،

و بعضها مكسور الدرج تسبب فى تعثرى ، بعضها وردى اللون

و البعض أسود ، حتى إذا ما وصلت للأعلى تطلعت لما تركته أسفلى 

يا إلهى ....

كل هذا العمر و أنا بعيد عنك ، كل هذه السنوات و أنا لا أستمتع كثيرا

بحياتى ، كل هذه السنوات و أنا أفعل ما لا أرغب كثيرا بفعله ، 
كل هذه السنوات و أنا أقول لنفسى ( غدا هو يوم جديد ) .

و بينما هذه الأفكار تتداعى لخاطرى إذا بفرس النهر ( مسعد )

قد خرج من خلف المكتب مرتديا تنورتة وردية اللون و حذاء باليه

رقيق و أخذ يرقص بخفة و رشاقة متناهية مبعثرا أغراضى

فى أنحاء الغرفة و التى .....

ما هذا العته !!

فرس نهر بتنورة ! و باليه !

يبدو إننى أهذى من تأثير إقتراب النوم


حسنا كنت أقول أننى لم أصنع بعد ما كنت أريده بحياتى ،

بل أراها بعيدة تماما عما خططته أو على الأقل حلمت به و أننى لابد أن ....

ــ أهلا نابليون ....نعم يا عزيزى لقد ترك الروس لك موسكو

و أخلوها عن بكرة أبيها فى حادثة لم تتكرر كثيرا فى التاريخ

من بعد إخلاء أثينا من سكانها فى وجه الفارسى إكسرسيز

و جيشه المليونى ....لقد توجهوا إلى الحمام ،

عندك فى نهاية الرواق على اليمين ، .........

عفوا عزيزى ــ أنت تأمر ــ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .

ياللهول !!!.....نابليون !!! ...و عليكم السلام أيضا !!!

....لابد أن أنتهى من هذا المقال سريعا قبل أن أتفاجأ

بديناصورات متجولة فى ظلام الحجرة .

ماذا كنت أقول قبل أن يقاطعنى نابليون ؟

اه..... أننا يجب أن نعيد ترتيب أولوياتنا و التسائل عما إعتبرناه

مسلمات و أبجديات أخذناها دون التفكير فى معناها 

فلقد خلقنا لعبادة الله ، هذا هو الهدف الأساسى من خلقن

ا هكذا نقولها كثيرا و نرددها إذا ما سئلنا و لكننا نقولها

بشكل مبرمج و آلى بدون إدراك حقيقى فلو أدركناها لعملنا بها

و لو عملنا بها لأستمتعنا بحياتنا أيا كانت و لرضينا عما نفعله و لفعلنا ما نرضاه .

هاهو المدير يتصل فى مثل هذا التوقيت !! ، يالهى ماذا

يريد هذا الرجل ؟ ألا يستريح من العمل المتواصل ،

لابد أن لذلك علاقة ما بتقارير العمل عن الأسبوع الماضى ،

يبدو أننى قد نسيت كتابة إسمى فى إحداها إن هذه الأشياء

تثير جنونه بينما أراها أشياء فرعية لا قيمة لها بجوار العمل الأصلى

.......... هاهو يخبرنى أن قسم الحسابات قد خصم لى خمسمائة جنيه

من البدلات لأنى بدلت بعض التواريخ فيها بالخطأ ، هو متعاطف معى

فيما يبدو و هى من المرات القليلة ، أخبره أننى لا أبه حقا بهذه الأشياء

، يصمت و صمته يقول و بماذا تهتم إذن أيها المتحزلق ؟ هل تعمل من أجل إثبات ذاتك ؟ 

أغلق الخط معه و أسمح لنفسى بعدها بالتسائل هل نتهم الروتين

بالسكنى فقط فى أدراج الحكومة دونا عن شركات القطاع الخاص ،

إنه يسكن فى العقول يا سادة حكومية كانت أم خاصة و ـ إيجار قديم كمان ـ

، و بعد التسائل أسمح لنفسى بالصراخ ( و كم خمسمائة جنيه يحتويها المرتب أيها الحمقى !!!! ) 

حسنا ......
أعود مرةأخرى و أقول أنه ينبغى على كل واحد فينا أن يحيا حيات

ه بالشكل الذى لا يندم عليه بعد ذلك عندما يهرم و ينظر إليها و يسترجعها

أو الأخطر عندما يموت و لا ينفع حين إذن الندم أو المراجعة

على ذكر الإسترجاع ، بحكم كونى طبيبا بيطريا ــ مع وقف التنفيذ ــ

أحب أن أنوه أن طائفة المجترات و التى تشمل البقر و الجاموس

و الماعز و الخراف تسمى بهذا الإسم لأنها تلتهم طعامها بكميات كبيرة

و بسرعة بدون مضغ جيد فى الصباح ثم تقضى بعد ذلك فترة

العصر و المغرب فى إجترار طعامها من إحدى معداتها الأربعة

لكى تمضغه مرة أخرى فى فمها و تطحنه جيدا ثم تعيد توجيهه إلى معدة أخرى 

فأحرص عزيزى على أن تكون زكرياتك سعيدة فى مغرب عمرك و إلا فستجتر ما لا يسعدك